هكذا عرفت سيدي المطران غريغوريوس بولس بهنام

أضف رد جديد
تلميذ المطران
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 57
اشترك في: الخميس إبريل 28, 2011 3:38 am

هكذا عرفت سيدي المطران غريغوريوس بولس بهنام

مشاركة بواسطة تلميذ المطران » الأحد نوفمبر 04, 2018 8:35 pm

هكذا عرفت سيدي المطران غريغوريوس بولس بهنام
بقلم : يوسف فرجو
صورة
صورة
صورة
زرته مرة – وكان مريضا – في ( الصومعة ) التي كان يعيش فيها .. كانت تتكون من غرفة صغيرة لا تتسع لأكثر من سريره ومقعد ودولاب ملابس .. كان المرور إليها عبر ممر فيه حمام .. عاش في هذه الغرفة حتى ساعة إنتقاله إلى الرفيق الأعلى ... لم أسمع - ولا المجلس الملي - يوما شكوى منه على هذه المعيشة .. كان إنسانا متواضعا .. كان قديسا .

تواضعه هذا , جعل بعض ذوي العقول الفارغة ,يصفونه بنقص الإدارة , وكأن الإدارة لديهم هي التكبر والبيروقراطية وحب الذات .. الإدارة الحقيقية حي حب الآخرين – الله محبة - . في إحدى المرا ت طلب من إدارة مدرسة الطائفة قبول أحد أطفال الطائفة مجانا , رفضت المديرة طلبه , وساندها فيه لجنة المدرسة في المجلس الملي .. أذكر أنني طلبت من نيافته أن أقوم بإجابتهم .. قال لي : ألسيد المسيح أوصانا بالتسامح .

كان أمله الوحيد هو إنشاء مستشفى .. حصل على الأرض من عائلة المحسن الكبير المرحوم مجيد زيونة .. تم الإجتماع مع بعض الأطباء والمهندسين والمقاولين .. سافر إلى سويسرا ( مجلس الكنائس ) والبرتغال ( غولبنكيان ) للحصول على الأموال لتنفيذ المشروع .. لكن لم يتحقق هذا الحلم .

كنا في المجلس الملي نحاول الحصول على قطعة الأرض ( خلف كنيسة الرسولين – طريق عون ) من أمانة العاصمة , بدون مقابل , إذ لا يمكن زيادة البناء على أرض الكنيسة والمدرسة .. وكانت عائلة المحسن الكبير المرحوم مجيد زيونة قد تبرعت ببناء المطرانية في نفس أرض الكنيسة .. وقد كلف المرحوم سامي يساوي بهذه المهمة .

في أواخر سنة 1968 , وأثناء سفر نيافة المطران بولس إلى البرتغال .. حضر إلى بغداد قريبان لزوجة المرحوم يوسف اللوس – أحدهما عضو المجلس الملي في البطريركية وألآخر محامي البطريركية .. إلتقيت بهما في دار المرحوم يوسف اللوس . ولما علما بأنني عضو في المجلس الملي طلبوا مني زيارة المطران بولس , فلما علما بسفره , طلبا مني أن أقوم بالمهمة بدلا منهما .. وهي كما يلي :

هناك رسالة من البطريرك يعقوب إلى المطران بولس يطلب فيها أن يبلغ المطران ججاوي بعزله .. وكان يقصد منها خلق في الطائفة .
السؤال من المطران بولس عن سبب إنسحابه من إنتخاب البطريرك بعد إنتقال اليطريرك أفرام برصوم إلى الديار السماوية .. بعد أن كان هو المنتخب ألأول .. وكان أن حصل المطران يعقوب على البطريركية .
عند عودة المطران بولس من سفره , إلتقيت به , وتوجهت بالسؤالين أعلاه , فكان جوابه لي :

إستل من مكتبه الرسالة والجواب .. وكان جوابه ( الناصح ) هو أن السيد المسيح قد أخبرنا بأننا الراعي والراعي الصالح هو بأن يقوَم أي إعوجاج في الرعية .. وأن المطران ججاوي لايزال قابلا لتقبل النصح . وبذلك فقد تجاوز ما كان يهدف له البطريرك .
أما عن سبب إنسحابه ( وهو ما مر عليه زمن طويل ) .. قال نيافته :إنه ) المطران يعقوب – كان مطرانا على أبرشية بيروت ) كان على إستعداد على شق الطائفة .. حفظا على وحدة الطائفة , كان إنسحابي.
بعد أشهر .. أصيب بالجلطة , ورقد في مستشفى الراهبات , وقد زرته مرتين – كانت الأخيرة قبل يومين من إنتقاله للرفيق الأعلى – كان قد تحسنت صحته .. وكان المتوقع أن يترك المستشفى .. في هذه الأثناء – مساء 18/2/1969 - عقدنا إجتماعا للمجلس الملي , وقررنا أن نقوم بإستئجار دارا في منطقة ( الضباط ) وتم تكليفي وكل من أكرم اسحق وبهنام بني الطويل بالذهاب في اليوم التالي لزيارة الدار والتفاوض على إستئجاره .. حوالي الساعة الحادية عشرة من اليوم التالي إتصل بي أكرم إسحق ليخبرني بالنبأ الصاعق .. إنتقال المطران بولس للرفيق ألأعلى ..

توجهت إلى كنيسة العذراء .. وبدأنا بالإجراءات .. تم الإتصال بالبطريرك يعقوب .. فاعتذر عن المجيء !!!.. تم ألإتصال بالمطران زكا , الذي حضر بعد ساعات , وعندما تم إخباره بأن البطريرك يعقوب لن يحضر .. قام هو بالإتصال به وأقنعه بالمجيء , الذي حضر في اليوم التالي وبصحبته مطران بيروت . إستمر ألكهنة بالصلاة على الجثمان حتى مساء اليوم .. وبينما كنا في إجتماع المجلس – وكنا في إجتماع دائم طوال اليوم – أتاني أحد ألأخوة ليخبرني بأن الكاهن الوحيد الباقي للصلاة هو خاله الخوري أفرام , أما الباقين فقد رحلوا !!

إتصلت بالكاهن عبد النور الذي أتى .. إتصلت بالكاهن سليمان الذي أتى بعد إلحاح .. إتصلت بالكاهن يعقوب الذي أخبرني بأنه يستضيف سيده ( ويقصد المطران زكا ) .. فأخبرته : بأن سيدك هو من يرقد هنا في الكنيسة ..

يوم التشييع .. بدأ ألتشييع بداية شارع 72 بإتجاه كاثدرائية الرسولين بطرس وبولس .. وكان هناك زخم كبير .. لم أشارك في التشييع .. إذ كلفت باتنظيم داخل الكنيسة .. عند وصول الجثمان إلى الكنيسة كان يتقدم الجنازة البطريرك يعقوب , وعندما مر أمامي لم أتمكن من القول ( هو ذا القاتل .. أتى ليواري مطراننا الثرى ) .. وفي الكلمة التأبينية ذكر البطريرك أنه سيطلق على ( المستشفى ) التي كان المطران بولس ينوي إنشائها – مستشفى المطران بولس !! - .. علمت حينها أنه قد قضي على الحلم الذي كان لدى الفقيد .. وهو بالفعل الذي حدث .

قام المجلس الملي بالتحضير للحفل التأبيني .. وتم الأتصال بعدد من الشخصيات الذين أذكر منهم : وزير التربية ( الذي كان موفدا .. وأرسل رسالة إعتذار وتعزية ) , الشيخ محمد حسن الطالقاني , محمد حامد ( لا أذكر الأسم الكامل ) , يوسف يعقوب مسكوني , يوسف المسعودي , ألآب توما صوفيا ( كلمة العائلة ) , جنان كصكوص ( كلمة للجمعية الخيرية ) , يوسف فرجو ( كلمة المجلس الملي ) , وأنا كنت عريف الحفل . – لقد قمت بجمع كلمات التأبين والبرقيات التي أرسلت للتعزية , علني أتمكن يوما من نشرها .. لكنها فقدت يوم تركت بغداد مع كل مكتبتي .. مهاجرا - .

لكنني أبقى أذكر بعضا من كلمتي التي ألقيتها في الحفل التأبيني :

" قال ألسيد المسيح : أحبوا أعداءكم .. أحسنوا إلى مبغضيكم .. باركوا لاعنيكم .. صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم .. من ضربك على خدك فإعرض عليه ألآخر أيضا .. ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضا .. كل من سألك فإعطه .. ومن أخذ الذي لك لا تطالبه "

هكذا قال ألسيد المسيح .. وهكذا فعل فقيدنا العظيم .. أحب أعداءه .. ضرب على الخد فأدار الآخر .. أخذ منه الرداء فمنح الثوب .. من سأله أعطى .. ولم يطالب الذي أخذ منه ... فهل رحمناه !!! كلا لقد وضعنا برأسه إكليل الشوك .. وصلبناه "

وأنهيت الكلمة بأبيات من الشعر .. لا زلت أذكر منها :

كنت قمرا أضاء الكنيسة .. وكلك بهاء

ها قد غايت ألأقمار .. فالنجوم كلهن سواء

هذا بعض ذكرته .. والبعض الآخر بقي في خاطري .. كي لا أجرح .. متمثلا بفقيدنا العظيم نيافة مار غريغوريوس بولس بهنام .
الرجل العظيم لا يعيش إلا وقتاً يسيراً
غير أنه يترك في الحياة دوياً هائلاً لا يستطيع الموت أن يخففه ،
ويبقى لأبناء قومه نفيساً من المجد و السؤدد لا يستطيع البلى أن يأتي عليه
الملفان مار غريغوريوس
بولس بهنام

أضف رد جديد