قصيدة الآرز

أضف رد جديد
تلميذ المطران
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 57
اشترك في: الخميس إبريل 28, 2011 3:38 am

قصيدة الآرز

مشاركة بواسطة تلميذ المطران » الجمعة يونيو 24, 2011 10:56 am

قصيدة الآرز
"ذكرى زيارتي لغابة الارز في ٢٠ تموز ١٩٥٠ "


هي سانحة من سانحات الحياة ، ويد الدهر ترفعني فوق هاتيك القمم العالية لتريني التاريخ كالشيخ المتهدم يغفو تحت ظل الارز ، والعصور منحنيات الظهور متضائلة امام هيبته وجلاله ، وغابة الارز في هدأة وقورة تحيطها الرواسي السامقات مكللة بالثلج الناصع ، وانوار الصباح تزيدها جمالا وفتنة والنسمات العذبة تعبق مرابضها الندية حاملة العبير الى ما وراء الافق البعيد . مهلا ايها الانسان الضعيف ، الضعيف جدا امام رهبة الخالق ، وعظمة مخلوقاته ، ففي هذه الغابة جمد الغزاة الاقوياء ، والفاتحون الجبابرة ، وهنا جثا حيرام ملك لبنان العظيم ليقطع الارز فيرسله لصديقه سليمان ليبني هيكل الرب ، وفي هذه الشعاب سار سنحاريب سيد آشور خاشعا متضائلا ، وامام هذه الهيبة انحنت كبرياء اسرحدون العتيد .

اجل …هذا هو الارز الخالد الذي تغني بمجده داود في مزاميره واشاد بجماله سليمان في اناشيده ، هذا هو الارز العظيم الذي شاخ على اقدامه الزمان وهو لا زال في ريعان الشباب . وبينما كنت امام هذه العظمة مستصغرا النفس والفكر رأيتني تحت ظل ارزة قديمة " وملاك " الشعر يوحي الي هذه الابيات .

قد غفا الخلد على راحاته……………وانحنى المجد على باحاته

وجلال الكبر شيخ طاعن……………قد جثا يرنو الى دوحاته

هذه آثار حبو خافت……………قد حبا الدهر على ساحاته

كان طفلا يوم بانت ارزة……………فوق هذا الترب من ذرواته

فغدا الان على حصبائه……………متعبا كالشيخ في ويلاته

وهو يزهو فوق هاتيك الذرى……………كبرياء المجد في همساته

………………………

ايها الارز تحدث انني……………افهم اللغز على علاته

هات حدثني عن الشرق وكم……………قد كواه البؤس في لهباته

كم أُذيق الذل والارهاق بل……………كم أُذيق السم في جرعاته

ولده اعداؤه ي للخنى……………ما لهذا الشرق في غفلاته

ما لهذا الشرق والجسم غدا……………وسموم الداء في طياته

اي طب او طبيب مخلص……………ينقذ المشرق من عاهاته

………………………

هوذا البلبل يا أررز آتي……………بين كفيه صدى اناته

لم ير في الروض نوراً لا ولا……………زهرة تحنو على آهاته

متعب ظمآن وفي احشائه……………جمرة كبرى على جمراته

هائم في هذه الارض كما……………هام طيف البؤس في جنباته

دعه يثوي تحت ظل وارف……………واسكب الانوار في كاساته

دعه يبني شبه عش بائس……………واكتب الذكرى على صفحاته

واملأ الكأس ـ اذا هبت صبا……………في علاك الزاهي ـ من عبراته

ومر التاريخ يكتب صفحة……………في سجل البؤس من نغماته

………………………

بسم الصبح أيا أرز العلى……………فاشرب الانوار من بسماته

واملأ الدنيا عبيراً فاغيا……………مثل ند الخلد في روضاته

انت والصبح وهاتيك الذرى……………وجلال البدر في روحاته

كلكم للخلد كنتم عندما……………أبدع الرحمن مخلوقاته

…………………………

سألتني شيخة الارزات عن……………دجلة الغالي وعن نخلاته

عن نسيم عابق العرف وعن……………روضه الزاهي وعن ورداته

عن حقول فوق شطيه وعن……………مربض الآساد في غاباته

عن نسور في على اجوائه……………عن صقور في ذرى دوحاته

عن هزار الروض عن انغامه……………عن غزال الحقل في واحاته

………………………………

قلت يا ارزة نطوي صفحة……………من كتاب الدهر في دفاته

ونناجي النسم في هذي الذرى……………ونناجي النور في دفقاته

ونحيي الصبح في انواره……………ونحيي الليل في نفحاته

لا تزيدي النار اضراماً ولا……………تحسدي الظمآن في غصاته




غابة الأرز ٢٠ تموز ١٩٥٠
الرجل العظيم لا يعيش إلا وقتاً يسيراً
غير أنه يترك في الحياة دوياً هائلاً لا يستطيع الموت أن يخففه ،
ويبقى لأبناء قومه نفيساً من المجد و السؤدد لا يستطيع البلى أن يأتي عليه
الملفان مار غريغوريوس
بولس بهنام

أضف رد جديد