صفحة 1 من 1

الحكمة الإلهية

مرسل: الاثنين مايو 02, 2011 6:04 pm
بواسطة تلميذ المطران
قصيدة الملحمة الحمراء هذه القصيدة للعلامة أبن العبري وقد قام بترجمتها من السريانية للعربية ملفاننا المطران بولس بهنام حيث قال عنها : إذا أنهيت شعرا قصيدة الحكمة الإلهية للعلامة أبن العبري , فأكون قد عقدت إكليلاً في رأس مؤلفاتي , وفي بنيان مشاريعي الفكرية
( من كتاب حياة الملفان مار غريغوريوس بولس بهنام للأب يوسف سعيد )

الحكمة الإلهية

خطرت والشمس في رأد الضحى ----- تتوارى خجلاً من طهرهـــــــا
غــــادة والحسن فــــي أجفانهـــــا ----- وبهاء المجد في منظرهــــــــا1
كاعب , أم , عجوز , طفلـــــــــة ----- حيرت كل الورى في أمرهــا2
كم رجال قـــد أصابوا وصلهـــــا ----- لم ينلها واحــد فــي ســــــرها3
*****
فـي محياهــــا عفاف طاهــــــــر ----- واضطرام وعلالات الجـــوى4
وبها شوق إلى الوصل كمــــــــا ----- أنها تأبى خضوعاً للهــــــــوى5
وهي تغري بعيــــــون كالتــــي ----- قلبها بالحــب والشــوق اكتـوى6
تـرفــع الرأس علـى أحبابهـــــا ----- وحيـــاء فـوق خديهــا اســـتوى7
*****
هـي تغـري ثم تجفـو أنفـــــــــاً ----- ندبــة تدنــي وتمنــي بالنـــــوى8
عذبة والسحر فـــي ألفاظهـــــا ----- ومرار فــي مجاليهــا ثــــــــوى9
تعشق الصمت وتهوى عزلـــة ----- وضجيج منها فــي الجـــو دوى10
حلوة النجـوى وذي ألحاظهـــا ----- كل سـهم فـاتك فيهــا انطـــــوى11
*****
فـي محياهــا ضياء ســــــاطع ----- ورسـوم من شـعاعات النهــــار12
وعلـى كتفيهــا ليل دامـــــــس ----- راكعـاً يـجثـو يمينــاً ويســــــار13
بين جفنيها شمـــوس شعشعت ----- وبــدور وريـــــــاح وبحــــــار14
وقــوى الكون على أقدامهــــا ----- سـجدت تبدي خشوعـاً ووقـــار15
*****
فــوق خديهــا بروق أومضت ----- والتمـــاع فيــه آثــــار القبـــــل16
ولهيب اللثــم أبـدى هـولـــــه ----- بـــرعـود وانفجـــــار فـي القـلل17
وعلى صدرهـــا رمان غفــا ----- لـؤلـؤاً عذبـــاً تنـاهـــى واكتمــل18
وبــدا التفــاح فـي وجنتيهـــا ----- مثل مصبــاح لأنــــوار الأمــــل19

*****

1- الغادة : هي الحكمة , وهذه أوصاف تنفرد بها .
2- هي كاعب العذراء , لأنه لم يتوصل أحد إلى كنهها , وهي أمٌ لأنها تصدر جميع المعارف , وهي عجوز لقدمها وسموّها , وهي طفلة بالنسبة إلى الذين لم يدركوا شيئاً من معرفتها .
3- الرجال : هم الحكماء الذين أصابوا المعرفة , ولم يتوصل أحد منهم إلى كنه سرها .
4- العفاف في محياها يرمز إلى غموضها عن الناس , واضطرام الجوى إلى كونها تدعو الناس إلى المعرفة .
5- بها شوق إلى الوصل لأنها تريد أن يفهمها جميع الناس , وتأبى الخضوع للهوى بالنسبة إلى الجهال .
6- هي تغري , أي تدعو الناس إليها .
7- أحبابها هم الذين أحبوها فإنها ترفع الرأس عليهم لم يصيبوا شيئاً من سرها .
8- تدعو محبيها , وتأنف من الجهال وتدني الحكماء وتنأى عن الحمقى .
9- هي عذبة للذين تذوقوها , ومرة للذين لم يعرفوها .
10- تهوى الصمت والعزلة , لأنها في مرابض السكون والهدوء تنال وبها ضجيج لدعوة الناس إليها .
11- هي حلوة الحديث للذين أحبوها , وقاسية على الذين ابتعدوا عنها .
12- أي أن محياها مصدر النور والهدى .
13- الليل كناية عن شعرها , ومعناه عدم المعرفة بالنسبة للذين بعيدون عنها .
14- الشموس والبدور والرياح بين جفنيها لأنها هي أوجدتها منذ القدم .
15- كأن الكون كله خاضع للحكمة .
16- القبل كناية عن شغفها بالحكماء .
17- رمز إلى غضبها على الذين لا يحبونها .
18- الرمان رمز العلوم والمعارف .
19- التفاح رمز الهدى والنور .
20- معنى هذا المقطع كله شغفه بالحكمة , وسهره المتواصل على نوالها .
تكملة القصيدة

صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة

Re: الحكمة الإلهية

مرسل: الأحد أغسطس 21, 2011 7:57 am
بواسطة تلميذة المطران
ومما يقوله ملفاننا مار غريغوريوس بخصوصها ما يلي : "هي الملحمة الوحيدة في الادب السرياني ، بل ان الادب السرياني لم تكتحل عينه بمثلها منذ نشوئه الى اليوم ، وهي رفعت صاحبها الى مصاف اعظم شعراء العالم اصحاب الملحمات الشعرية الرائعة " ثم يكمل وصفه فيقول : " ظلت هذه الملحمة النادرة بلغتها السريانية ، يحفظها كثيرون من السريان ويتغنون بها في افراحهم ومجالسهم ، وهي عندهم اشهر من " قفا نبكِ " في الادب العربي .... ولم يتصد احد العلماء لتعريبها غير الاستاذ بطرس البستاني الذي عرب بضعة ابيات منها وتوقف ، ولكنه خرج عن المعنى السرياني خروجاً كبيرا ولم يستطع السير بالتعريب الى نهاية القصيدة لما يكتنف المعرب فيها من العقبات اللغوية والشعرية الكأداء . ومن الصعب جدا ان يخضع الشاعر مهما كان ذا شاعرية واسعة ، الشعر السرياني ويحصره في ابيات من الشعر العربي . ومع علمنا بهذه الصعوبة العظمى لم نشأ ان تبقى هذه القصيدة العصماء بعيدة عن افهام الناشئة والشباب المثقف ، فتجردنا لتعريبها نظما محافظين جهد الامكان على معانيها واساليبها الشعرية ، ولنا السرور ان نقول لقارئنا الكريم ان الله وفقنا بنقلها الى العربية نظما باقل من عشرين يوما ، ولم نشعر إلا وبين ايدينا ثلاثمائة بيت من الشعر العربي هو تعريب هذه الملحمة الكبرى بحذافيره . وقد حرصنا على ايداء المعنى كل الحرص ، ونقدمها هنا لقراء مجلتنا " لسان المشرق " وغيرهم لنظهر للعالم عبقرية شاعرنا الفيلسوف ، وشاعريته المتوثبة المجنحة ، وقد وضعنا في الحواشي المعاني الكاملة لرموزها ، وهي قصيدة رمزية بالمعنى الصحيح . وهذه الحواشي تفتح رموزها للمطالع المتتبع " .
ويعلق المطران اسحق ساكا في كتابه " صوت نينوى وآرام او المطران بولس بهنام " فيقول : " ان هذه القصيدة التي سماها " الملحمة الحمراء " والتي نقلها الى العربية نظما ، احرزت استحسانا منقطع النظير ، واكسبت ناقلها المطران بولس شهرة طائلة ، وارتفعت به الى الذروة العليا من الادب ، واستطاع ان يكتسب بها الخلود . فقد رسم فيها صورا كثيرة نلمس فيها تفوقا في المعنى ، وبلاغة في التراكيب والالفاظ ، لابل هو في تعريب هذه القصيدة " شاعرا مبدعا" ويردف :" جاء في كتاب الاب يوسف سعيد عن ترجمة حياة المطران بولس قوله " انني ( المتكلم هو المطران بولس ) اذا انهيت شعرا قصيدة الحكمة الإلهية للعلامة ابن العبري ، فاكون قد عقدت اكليلاً في رأس مؤلفاتي ، وفي بنيان مشاريعي الفكرية "( نينوى وآرام ، ص.١٢٩ ـ١٣٠)