الخطاب الذي ارتجله في ذكرى رحيل البطريرك مار افرام برصوم

أضف رد جديد
تلميذة المطران
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 114
اشترك في: الخميس إبريل 28, 2011 11:53 am

الخطاب الذي ارتجله في ذكرى رحيل البطريرك مار افرام برصوم

مشاركة بواسطة تلميذة المطران » الأحد مايو 01, 2011 3:39 pm

قبل ان نسجل الخطاب نرفع الى الروح الطاهرة
وهي في ملأها الاعلى هذه العبرات:

أنى لي حجاك لاصوغ لك الرثاء بلاغة وبيانا
او اصوغ لك قلائد المجد لؤلؤا وعقيانا
او اضفر لك الاكاليل وردا وزنبقا وريحانا
او اذرف الدمع امام عرشك الابدي لواعج واشجانا


صورة

الخطاب
قداسة فقيدنا الغالي:
ياسيدي... يامن اقف الآن الى جانبه كما يقف الظمآن امام جدول جف ماؤه انها الفاجعة العمياء تحل بالبيعة السريانية الارثوذوكسية.
اننا الآن امام فاجعة المجد
فاجعة ممجدة، ومجد مفجوع
مجد الخلود الذي ينجاب عن محياك ايها البطريرك الراحل
يامن قمت في هذه الحياة كما يقوم النور في عيون البشر
اجل...ان مجدا مفجوعا ينضم الى مواكب الاجيال في هذه اللحظات الرهيبة مجد انطاكية الخالد بميزاته الروحية السامية ومثله العليا
يرقد الان بين يديك ايها البطريرك العظيم ذلك المجد الذي خدمته نصف قرن كامل وعملت على رفع شأنه الى الذروة العليا
فاجعتك عظيمة ايتها البيعة السريانية
فاجعتكم عظيمة ياشباب السريان الاحرار
ولكن لاتيأسوا ولا تبتئسوا
ان المجد الذي خلفه لنا فقيدنا الغالي سيبقى خالدا جليلا مدى الدهور
لانه لم يعطنا فضة او ذهبا
انما اعطانا مثلا عليا وفضائـل سامية

* * *

اين نحن الآن ياترى؟
وكيف يعيد التاريخ نفسه في هذه اللحظات الرهيبة؟
هل نحن في احد منافي بيزنطيا الظالمة نشهد يوحنا ابن عبدون يرقد رقدته الاخيرة؟
او نحن في مدينة الرها نسمع انينا يتعالى برقاد افرام السرياني العظيم؟
او في دير مار برصوم حيث يرقد ميخائيل العظيم بطريرك انطاكية الكبير،وهو يلفظ انفاسه الاخيرة؟
اين نحن الان ايها التاريخ ؟
هل نحن في دير قنسرين نشهد مواكب المجد والجلال تشيع الى مثواها الاخير؟
لا.لا. ايها التاريخ !
اننا الان في مدينة حمص !!
واننا نضم حلقة جديدة الى سلسلة الامجاد السابقة !!
نضم اسما كريما الى صفحتك الناصعة ايها التاريخ !!
فسجل!! واحن رأسك له اجلالا وخشوعا ووقارا !!
هذا افرام العظيم ينضم الى الامجاد السابقة !!
فرحب به ايها التاريخ، واجعله شعلة وضاءة من شعلاتك السامقة
نعم ... سجل ايها التاريخ اسمه الكريم في اللوحة الاولى من سجل المجاهدين الذين قضوا في سوح الجهاد
سجل اسمه الغالي في صفحاتك الناصعة مع العلماء الاحرار والمؤرخين الامناء ! ومع الذين خدموا البشرية خدمات جليلة لاتنسى.
نعم... اننا الان في مدينة حمص ، وهذه المصيبة، مصيبة مجدنا
وهو ذا المجد يتوارى وراء الشفق الباكي، ولكنه سيبقى لن يتلاشى، سيبقى ناصعا، لانه لم يكن مجدا ماديا بل انما هو مجد روحي.
ايه سيدي الراحل ! ياقرة عين البيعة السريانية !
كنا نأتي الى هنا فيما سبق، وننظر الجدول الكريم ينساب بين دوحات العلم العظيمة
ونلقي بلابل الحكمة والعرفان تغرد على الضفتين ونسمع شدوها، ونرى ازاهير العلم والمعرفة نابتة على هاتيك الضفاف!!
ولكن الان اتينا ومن اين اتينا ؟!
من قلب بلاد العراق، جئنا لكي نشهد الفاجعة بأم عيننا !!
فأين الجدول ياترى، واين ذلك الماء النمير ايها التاريخ ؟!
واحسرتاه ان المجد قد جف !
واحرقتاه ان البلابل قد صمتت وماتت !!
فمصيبتنا عظيمة في رحيلك ياابانا الوقور !
فاجعتنا،فاجعة أمة باسرها !
لم تخدم امتك وحدها بل انما خدمت الشرق كله. وهذه مواقفك الجليلة نسطرها في اقدس صفحات قلوبنا .

* * * *

افرام العظيم ! قمت بواجبك وهديت فنم قرير العين واذهب الى ربك رفيع الرأس ناصع الجبين .
افرامنا العظيم !! ان مثلك العليا ستبقى عالية، وسنأخذها غذاء لارواحنا ومؤلفاتك الجليلة ستبقى شاهدا على عبقريتك الخالدة.
افرام العظيم!! نم قرير العين، فان ابناءك سيحملون اسمك الكريم الى اعمق اعماق التاريخ !
ايها السامعون : ان الخطب جلل والفاجعة لاتحتمل
خطب امة برجل، وخطب رجل بامة
انه خطب امة بهذا الرجل الكبير الذي خدمها خدمات جليلة ورفع شأنها الى الذروة العليا !
وهو خطب رجل بامة، لان الموت اطبق ثغره الفصيح وحجب انواره الساطعة عن هذه الامة.

* * * *

ايتها البلاد العربية الكريمة !
هذا فتاك يذهب في هذه اللحظات الرهيبة، وقد كان بوقا مدويا يردد عظمتك، وهذه نبرات صوته مدوية.
ايتها البلاد العربية ! انه كان ركنا من اركانك بل مصباحا مشعا من مصابيحك المضيئة
عرفته يابلاد جلق: يوم جاءك ابناؤك الاحرار ظافرين منتصرين، فوقف وقفته التاريخية وألقى تلك الخطبة الشيقة معيدا الى الاذهان مجد العروبة السامق !
لم اشاهده بعيني، ولم اسمعه بأذني، ولكن الذين سمعوه قالوا عنه كل مايقال عن فتى الاحلام، احلام العرب الاحرار.
اذا، ففجيعة العرب عظيمة برحيلك ايها البطريرك العظيم!
فسورية التي عشت في ظلها، ولبنان الكريم الذي احببته، والعراق الغالي الذي انجبك، هذه البلاد التي احببتها واحبتك، انها تبكيك في هذه اللحظات الرهيبة.
وانني جئت من وطننا العراق لكي امتع نظري للمرة الاخيرة بمحياك الجليل. جئت حاملا بين كفي دموع بني قومي في مدينة الموصل والعراق اجمع، تلك الدموع الغالية لاسكبها امام هذا المشهد الجليل!
نعم انني حملت تلك الدموع وهاتيك اللواعج لاسكبها في هذة الوقفة الرهيبة، لتكون شاهدة على الحب العميق الذي تكنه تلك القلوب لشخصك الكريم.

* * * *

وانني ايها الناس لااستطيع اطالة الكلام، وانما اسدي شكري العميق للحكومتين الجليلتين السورية واللبنانية، لمشاركتهما ايانا في هذا الخطب الجلل، كما اشكر حكومتنا العراقية التي عز عليها فقد هذا البطريرك العظيم، واسأله تعالى ان يوفق البلاد العربية لما فيه الخير والسؤدد لابنائها.
وانني بالنيابة عن اسرة الفقيد الكريمة، اسرة آل برصوم الجليلة التي لمع ذكرها قبل ثلاثمئة سنة واعطت لوطنها فتيانا عرفوا بتقواهم وخدماتهم، وباسم ابناء الموصل ابرشيتي، اشكركم جميعا لحضوركم مأتمنا هذا ومشاركتكم ايانا بهذا الخطب الجلل واشكركم يااصحاب السيادة المطارين الذين سرتم معنا صفا واحدا وواسيتمونا بهذه الكارثة، وانني بلسان سيادة الدكتور عبدالله برصوم مدير الصحة العراقية العامة السابق اشكركم جميعا، وارجو الله تعالى الا يفجعكم بعزيز، ويبارككم جميعا بدعاء ابينا الراحل. ونعمة الله تحفظكم .

* * * *
المصدر نفحات الخزام او حياة البطريرك افرام من ص (212) الى ص(217)
المرفقات
20.jpg
20.jpg (308.42 KiB) تمت المشاهدة 18546 مرةً

أضف رد جديد