صفحة 1 من 1

الجزء الاول من حياة الملفان بولس بهنام المفقودة بين طيات الزمان

مرسل: الثلاثاء مايو 03, 2011 11:07 am
بواسطة تلميذة المطران
أحبائي سيروا معي ، لنتتبع خطاه المعبقة ببخور الطهر والقداسة ، أجل تعالوا وإيانا نسير مع علامتنا الملفان ، ونتتبع خطواته المنسوجة على غرار آباء كنيسته .
نلحق به على روابي قريته الجميلة حيث كان فتى يافعا يتفيأ تحت إحدى الشجرات السامقة ، والتي اعتاد أن يهرب من هذا العالم الفاني ليقرأ الأسفار المقدسة ، فتضمه أغصانها كالأم الحنون ، فيقرأ .. ويقرأ وتتيه مخيلته الفتية في تلك السماء الصافية.
صورة
سوف نقسم مراحل حياته كما يلي : ـ
1 ـ أسرته : تنحدر أسرة ( كولان ) من تكريت ، حيث هاجر جدهم الأعلى ( إبراهيم)، وكان يعرف عند قدومه (بإبراهيم التكريتي) .
ولد المطران بولس( سركيس) في قرة قوش عام 1914م ، من أبوين تقيين هما بهنام بولس كولان ، ونجمة جرجس الخوري يلدا .وهي عائلة كهنوتية عريقة ، تمسكت بأرثوذكسيتها ، بعد اعتناق الأغلبية الساحقة من سكان القرية للكثلكة ، وذلك بسبب الإرساليات التبشيرية لاسيما الدومينيكانية الايطالية .
ولا بد أن نعطي أيضا معلومات تفصيلية عائلته .
كانت حرفة والدهُ " الحياكة" والتي ورثها عن أجداده ، كانت عائلته ميسورة لديها أغنام ، وكانوا يؤجرون رعاة ، تقوم برعايتها . إضافة إلى الأراضي الواسعة ، وكانت هذه أيضاً يسلمونها بأيدي فلاحين لتزرعها وتعطيهم حصتهم ، وهي لا تزال قائمة في قرة قوش إلى يومنا هذا باسم الورثة : أخت المطران خيرية بهنام ، وبنات أخيه المتوفي في بغداد عام 1994المرحوم شيت بهنام .

ـ طفولته : امتزجت طفولة ملفاننا الحبيب بالبراءة والنضوج المبكر في نفس الوقت ، إذ تخبرنا والدته بأنها كانت تستغرب تصرفاته ، فكان يميل إلى العزلة في أكثر الأحيان، يصحبها التفكير العميق، فقد أعتاد والده وهو شماسا انجيليا أن يجمع أسرته كل مساء ويتلو على مسامعهم فصول من الكتاب المقدس ، فكانت ترى الطفل سركيس يسرح بطرفه الملائكي البريء في عالم بعيد عن هذا العالم الفاني ، ثم يغمض عينيه الوديعتين ، لينشد بأحلامه الطفولية مع الملائكة النورانيين .....
وهم يهتفون للذي هو الألف ... والياء ...... قدوس .... قدوس .... قدوس .....
أجل كانت ترى سركيس صاغياً متأملاً يتطلع نحو الأفق البعيد ليتمثل بالراعي الصالح ، وبولس رسول الامم .
كانت أمه " نجمة " تنظر إليه مستغربة كل حركاته ... حتى جاء اليوم الذي لم يستطع سركيس ذو الثانية عشر من عمره الاستمرار في الحياة العلمانية أكثر من ذلك ، فطلب إلى والديه ذات مساء أن يلتحق بدير مار متى ، فتعجبا من طلبه هذا . لم يفهما حينها طلب فتاهما البكر بين أخوته لماذا الدير ؟ ولم تدرك الأم " نجمة " هذا الشيء !! أيترك فتاها الغض ذو العينين البريئتين هذا العالم وملذاته .. وهو لم يسبر غوره بعد ؟؟؟!! أم سيفيق بعدما تمر به الأعوام ليجد نفسه ليس كغيره من الشبان ، لم يتمتع بملذات هذه الفانية ؟؟ فقالت له " بني .. أتعلم ماذا تطلب ؟ أتريد أن تتوحد ؟؟!! والعالم ! أتستطيع تركه ؟؟!!" فنظر إليها بنظرات ملئها البراءة والثقة .. قائلاً وهو يمد يده المباركة ويشد كتفها الحنون .. مطمئناً إياها : ـ
" أماه .. اطمئني .. ففتاك يدرك الحياة .." إنما قصدي إلهي ..فهو خير لا يحد .. فيه آمالي وأدري .. إنه للروح قصد .."
حينئذ أدركت الأم إن فتاها قد أعد ليكون " إناءً مصطفى " وعموداً لامعاً في بيعة الرب الأرثوذكسية ..ومدافعاً غيوراً على عقائدها ..
خضعا والداه لمشيئة الرب ورغبة فلذة كبدهما فأصطحبه والده إلى دير مار متى ، وودعته والدته وهي تنظر إليهما حتى غاب فتاها الحبيب عن عينيها المملوءة بعبرات الاسترحام علَّه يعود إلى أحضانها ...


تابعونا أحبائي في مرحلة قادمة من حياة ملفاننا الحبيب