الأب الدكتور يوسف سعيد
قال عن ملفاننا
من باخديدة , قلعة في نينوى , ذات الإنبساط الأخاذ , والشفق الحالم , والزهور البيضاء في رؤوس الحندقوق وكأنني أرى الغروب يلملم بقايا ضياء النهار من قباب كنائسها التاريخية , ليتوارى بعيداً يحميه عن اللحاق به أنظار مودعيه إذ يقف جبل الألوف شامخاً , سامقاً منيعاً يصد هجمات لاحقيه , وتغمر أبدية الليل سفوح نينوى , ويتوارى بولس في أحضان أبويه , ينام على أبيات من شعر العاطفة الصافية , والقريحة العذراء , والانشاد الرائع , تلك الأمسية تتصرم , ويعقوب السروجي يغمرها بقصائده العذبة , وأفرام السرياني يملّح أجواءها بعبير خرائده الإلهية .
ومع الأحلام , والتراتيل الملائكية يستيقظ بولس , فيزهر مع الزهرة وينوّر مع النور , ويغني كالبلبل الوحشي في معاقل المقلوب وتنساب اللفظة السريانية من شدقيه الورديتين , إنسياب الظل من وريقة لخميلةٍ بيضاء , يُعبئ أوداجه بصلاة فاعلة في أعماقه مجترحات , منها يقطف الرضا , والنشوة , والعبير , والسلام , والمحبة .
لابدَّ لنا من أن نقول كلمة في إسلوبه الأدبي
ما انسابت الكلمة الرقيقة من فمٍ كانسيابها بفصاحة من ثغرِ الراحل العظيم , فقد كان خطيباً , رشيق العبارة , جذاباً في تلفتاته , أخاذاً , يتدفق كالسيل , ينهمر كالمطر , محبوباً في مواقفه المنبرية , ولو جُمعت خطبه لبلغت عدة مجلدات .
عن كتاب
حياة الملفان مار غريغوريوس بولس بهنام
الأب الدكتور يوسف سعيد
-
- مدير الموقع
- مشاركات: 57
- اشترك في: الخميس إبريل 28, 2011 3:38 am
الأب الدكتور يوسف سعيد
الرجل العظيم لا يعيش إلا وقتاً يسيراً غير أنه يترك في الحياة دوياً هائلاً لا يستطيع الموت أن يخففه ، ويبقى لأبناء قومه نفيساً من المجد و السؤدد لا يستطيع البلى أن يأتي عليه الملفان مار غريغوريوس بولس بهنام | ||