مار أثناسيوس أفرام مطران لبنان

أضف رد جديد
تلميذ المطران
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 57
اشترك في: الخميس إبريل 28, 2011 3:38 am

مار أثناسيوس أفرام مطران لبنان

مشاركة بواسطة تلميذ المطران » الثلاثاء مايو 03, 2011 8:31 pm

وأسفاه كفَّ القلب الكبير عن الخفقان1

بقلم نيافة الحبر الجليل
مار أثناسيوس أفرام مطران لبنان


وأسفاه كفَّ القلب الكبير عن الخفقان2
واحسرتاه صمت الفم البليغ إلى الأبد
والوعتاه قضى رجل العلم , والفضل , والوفاء
ففي ذمة الله يا أستاذي الحبيب

*****************

بالأمس القريب كنت ملء السمع والبصر
بالأمس القريب إكتحلت أعيننا بمحياك الوديع وطلعتك الهادئة
بالأمس إنتشت أسماعنا بحديثك الحلو الرصين
بصوتك الرخيم , وترتيلك العذب
بمواعظك البناءة التي تأخذ كلماتها بمجامع القلوب
أما اليوم ! أين أنت اليوم يا ترى ؟
أين وجهك الوديع ؟ ..نراه فيخيل إلينا أننا أمام أب من الآباء الأولين
أين حديثك الطلي , وخطبك البليغة ؟ .. تهز منا المشاعر وتقربنا إلى الله
هل صحيح أن كل هذا قد مضى وانقضى ؟


*****************


نهار البارحة إحتفلتُ بالقداس الإلهي في الكاتدرائية التي دفنتَ فيها في بغداد , وكان بيني وبين قبرك حديث ذو شجون وعتاب مرير , قلت لقبرك :
أيا قبر حدثني عن أستاذي الحبيب صديق لصديق
حدثني عن القنديل الذي أنار ظلمتك
حدثني عن الكنز الذي أغناك
حدثني عن الورد الذي عطر أرجائك
حدثني ولا تصمت هكذا فإن صمتك يؤذيني
هل تعلم يا قبر أي رجلٍ ملكت ؟
هل تعلم يا قبر أي نوع من الوجوه غيّبت ؟
هل تعلم يا قبر أي إنسانٍ نبيلٍ وفضيلٍ إحتويت ؟
حدثني , ولا تصمت .. هكذا فإن صمتك يؤذيني .
لا تقل قد غيّبت في ظلمتي المطران غريغوريوس بولس , لأن المطران بولس كان وجهاً حبيباً . والوجوه الحبيبة لا تموت . لقد غيّبت جسده الطاهر فقط , وأما طيفه فسيظل ماثلاً في قلوبنا دائماً وإلى الأبد .


*****************

إيه أستاذي الحبيب
إن حنيناً إليك اليوم أشبه بحنين الغزلان إلى المياه الصافية
إن إشتياقنا إليك يضاهي إشتياق العصافير لشمس الربيع وزهوره
إن مذبحك يبكي لكونك حرمته من صوتك الشجي
إن كرسيك ملتاع مثل طائر مكسور الجناحين
إن منبرك يناديك فرد عليه ولا تخيّب أمله


أستاذي الحبيب
بعد أن ودّعناك الوداع الأخير , زرتُ مع الأخ الجليل مار إسطثاؤس قرياقس والديك الشيخين وكلاهما فقدا البصر ... واحسرتاه ذهبنا لتعزيتهما وكنا في الواقع بحاجةٍ إلى من يعزينا ويواسينا ويجبر قلبنا الكسير .......
تحسسني أبوك المكلوم بيديه وقال وهو يشرق بدمعه : سيدنا كان يحبك كثيراً , وتشبثت أمك الجريحة بمار إسطثاؤس وقالت : أين إبني ؟ أريد إبني .
وبكينا , وبكى جميع الحضور , تماماً مثلما فعل أهل بيت عنيا حزناً على إليعازر . ثم كفكفنا دموعنا , ونحن نعيد إلى أذهاننا ذكرى قيامة لعازر من بين الأموات .
تحدثت إلى أبويك الجليلين عن المكان المريح الذي أنت فيه الآن .
المكان الذي أعده الله لمحبيه , فهز الشيخ رأسه وأبى أن يتعزى لأنك لست بموجود , ولكني متأكد من أن جرحهُ سيلتئم مع الأيام لأن أباك رجل مؤمن , وأمك إمرأة تقية , ولو لم يكونا كذلك لما منحهما الله إبناً مثلك .
وأما أنتم يا أهل البصرة الكرام فإني ما كنت أريد أن أزوركم وأنتم حزانى . على أنه يجب أن نكون معاً في جميع الحالات , في الأفراح والأتراح , كنتُ متشوقاً منذ زمن بعيد لزيارة بلدتكم العامرة .
لأني سمعت عن إيمانكم وغيرتكم وعن رباط المحبة الذي يجمع بينكم جميعاً وكأنكم مع كاهنكم الموقر عائلة واحدة .
حفظكم الله ووفقكم . ولنصلِ جميعاً من أجل راعيكم الصالح كما يصلي هو الآن من أجلنا , ولتشملكم نعمة الرب دائماً وأبداً آمين .



---------------------------------

1- الكلمة التي إرتجلها مار أثناسيوس أفرام في كنيسة البصرة يوم 23 - 2 - 1969 في ذكرى اليوم الثالث لدفن المثلث الرحمات مار غريغوريوس بولس بهنام , أنظر المجلة البطريركية العدد 66 نيسان 1969 السنة السابعة ص 308 و 309 و 310 .
2- إفتتحها بالآية الكريمة : وأذكروا مدبريكم الذين كلموكم بكلمة الحق .
الرجل العظيم لا يعيش إلا وقتاً يسيراً
غير أنه يترك في الحياة دوياً هائلاً لا يستطيع الموت أن يخففه ،
ويبقى لأبناء قومه نفيساً من المجد و السؤدد لا يستطيع البلى أن يأتي عليه
الملفان مار غريغوريوس
بولس بهنام

أضف رد جديد