حاجتنا الى يقظة روحية (لسان المشرق،السنة الاولى العدد 2

أضف رد جديد
تلميذة المطران
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 114
اشترك في: الخميس إبريل 28, 2011 11:53 am

حاجتنا الى يقظة روحية (لسان المشرق،السنة الاولى العدد 2

مشاركة بواسطة تلميذة المطران » الجمعة إبريل 29, 2011 9:43 pm

" انها الآن ساعة لنستيقظ من النوم "
( رو 11:13 )
منذ مدة ليست بطويلة ، والازمات الكثيرة الخانقة تجثم على صدر البشرية المتعبة الراقدة في وادي الدموع والآلام ،تريد تجريدها من مثلها الروحية العليا ،وتركها جسدا باردا لا روح فيه ور حياة.. وها هي ذي ـ البشرية ـ تتيه في بيداء الحماقة والجهل ، فاقدة رشدها ،هائمة على وجهها لا تعرف الطريق المؤدي الى الحياة المثلى الحقيقية التي خلقت لاجلها .
غير انها لو رفعت رأسها قليلا ، وفتحت عينيها المطبقتين بنعاس ثقيل ، لرأت امامها طيفا نورانيا ينادي ويقول :
" أنا هو الطريق والحق والحياة ليس احد يأتي الى الآب إلا بي . يو 6:14 " .
انه الطريق والحق والحياة فلنسيرن فيه لنبلغن سريعا الى " الآب " الذي هو الهدف الاسمى، والراحة الكبرى لنفوسنا الواهنة ، وقلوبنا المتعبة، هو النور الحقيقي ، فلنسيرن فيه ، ما دام لنا الوقت الكافي للسير، قبل ان تظلم الحياة ، ويدفعنا الظلام الى ابواب الهلاك " النور معكم زمانا قليلا بعد ، فسيروا ما دام لكم النور ، لئلا يدرككم الظلام ، والذي يسير في الظلام لا يعلم الى اين يذهب ،ما دام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا ابناء النور ـ يو 35:12 و 36 " .

ان بوق الحياة ينادينا من وراء الوجود ، ويسمعنا هذه الكلمات " استيقظ أيها النائم ،وقم من بين الاموات فيضيء لك المسيح ، افسس 14:5 " .
فهل لك يا من تؤمن بهذه المثل الروحية العليا ان تنتبه الى هذه النغمة العذبة وتخلي لها محلا صالحا في نفسك ؟ ها تستطيع ان تنفض عنك غبار النوم العميق فتفيق بروحك الى أناشيد الخلود ؟ ألا تريد الاقبال الى ورد الحياة الذي يكفي ان يروي كل غليل ، ويحيي كل امل في جميع النفوس اليائسة ؟ لا بد ان تطغي امواج العالم في كل عصر ومصر ، فتجتاح امامها النفوس وتحطمها على الصخور القاسية الجاثمة على شواطيء الهلاك ، ولكننا لو سمونا بنفوسنا فوق تلك الامواج الطاغية، واضرمنا في ارواحنا نار يقظة روحية ، لأنتشلنا من هوة الموت ، وعثرات الهلاك ، فنسير في طريق " الحق والحياة " الذي يؤدي حتما الى " الآب " .
نحن الان في عصر ،ضربت المادية اطنابها في كل نفس ، ونشبت مخالبها في كل قلب.. ولا يمكن ان تصان المدنية الباذخة بالنوايا البشرية الحاضرة ، والمطامع الكثيرة لا تشبع ولا ترتوي . فالبشرية والحالة هذه بحاجة ماسة الى يقظة روحية توجهها الى مصدر " النور والحق والحياة " وتقودها في معارج الحب والسلام ، وهو ذا ديدبان الروح يقول : " انها الآن ساعة لنستيقظ من النوم ـ رو 10:13 " .
ان اليقظة التي تحتاجها البشرية اليوم ، يجب ان تكون على مبدأ الروح وهي وحدها تستطيع ان تخلق بين ضلوع البشر قلوبا نقية طاهرة ، يمكنها رؤية النور ، والسير وراء الحق ، وهذا ما كان يطلبه النبي داود بقوله : " قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدده في داخلي ـ مزمور 10:51 " .
ان البشرية اليوم سكرى بخمرة غواياتها ، لا تطربها إلا قعقعات الحديد ودمدمات الآلات الفولاذية الضخمة ، ولا تؤنسها إلا اصوات " المجانيق " الهدامة المهلكة ، وأنى لها ان تشعر بنسيم الحياة يهب رقيقا متواضعا من وراء المادة ؟ .
البشرية الآن غارقة تغط في سبات نوم عميق ،قد اثقلت اجفانها روائح الموت ، وانفاس الهلاك ،وأنى لها ـ وهذه حالها ـان تفيق على رفرفات الحب وانسام السلام ؟؟
ان لهذه البشرية التاعسة طريقا واحدا يقيها من الموت ، ويبعد عنها الهلاك وهو طريق يقظة روحية ، تعيد الانسان الى ربه ،بعد تغربه عنه اجيالا طويلة ، فيسمعه ينادي ويقول : " من ايام آبائكم حدتم عن فرائضي ، ولم تحفظوها ، ارجعوا إلي ، ارجع اليكم ملاخي7:3" ولكن الانسانية لا يوقظها الصوت الإلهي ، ما دامت جفونها مثقلة بهموم هذه الحياة ومشاغلها الكثيرة ، وكلما زادت ما نسميه " مدنية " زادت هذه الهموم وتلك المشاكل ، وأعمت الانسان عن النظر الى فوق ، ورجعت به الى المادة ، بل الى التراب الذي اخذ منه " تك 19:3 " .
ستقول يا أخي " العصري المتمدن " لنعودن اذا الى الوراء ألوف السنين ولننعمن بالجهل بعيدا عن" الحضارة والمدنية " أقول لك : ان " المدنية الحقيقية " بعيدة جدا عن " مدنيتنا العرجاء " بعد الثريا عن الثرى لأن المدنية الحقيقية هي " حب والفة وسلام " وأما مدنيتنا فهي" بغضاء وحقد وتنكيل.." وعندما تصبح مدنيتنا مدنية " حب والفة وسلام " حينئذ نستطيع ان نعيش على هذه الأرض " بشرا " حقيقيين .
ان الحياة الحقيقية ، ليست ترابا وحديدا وفولاذا ، أيها الانسان المسكين بل هي " روح وحب وسلام " ، فهلم نرجع الى الرب ـ هوشع 1:6 "
وهناك الروح والحب والسلام ، بل هناك اليقظة الروحية التي من شأنها ان تبلغنا الى هدفنا الروحي الأسمى ..

أضف رد جديد