مجمع أفسس الثاني 449 م

[تلميذ المطران]

مجمع أفسس الثاني 449 م
بقلم مار غريغوريوس بولس بهنام علم القارئ العزيز اننا في عدد المشرق الأخير ( مجلته الشهرية التي انشاها آنذاك) من السنة الماضية ان نُعَرِبَ المحاورات السنادوسية التي دارت في اثناء جلسات مجمع افسس الثاني ، ولآن نبدأ بهذا العمل متكلين على الله... منذ ذلك المجمع المسكوني المقدس الى الآن والكنيسة الأرثوذكسية تذكر فيه عملا عظيما حازما ، وضع حدا لبدع كثيرة وهرطقات وخيمة ، طالما نخرت في جسمها المقدس كما ينخر السوس في سفينة طافية على بحر خضم .وقبل ان نتكلم عن المجمع نفسه ، يجب ان نبحث في بعض الامور التي من شانها ان تلقي انوارا ساطعة على اعمال هذا المجمع المقدس ، فيعرف القاريء العزيز أهميته الكبرى بالنسبة الى تقرير الايمان الارثوذكسي القويم .

أما الآمور التي نريد بحثها قبل التعريب تلك المحاورات المجمعية هي :

1 ـ أصل المجامع في الكنيسة : ـ ولدت المجامع الكنسية حين ولدت الكنيسة المسيحية ، فأن رسل المسيح كانوا يعملون كل شيء بروح واحدة وبأخذ آراء الجميع ، وهذا ما يوضحه لنا كتاب اعمال الرسل عن امور كثيرة قاموا بها ، واصبحت هذه الاجتماعات الرسولية فيما بعد نواة صالحة للمجامع الكنسية .

ان اول امر قام به رسل الرب في علية صهيون بعد الصعود ، كان انتخاب خلف للوظيفة الرسولية التي شغرت بموت الاسخريوطي الخائن ،فاننا نرى الرسل يجتمعون بروح واحدة ، فيحدثهم بطرس عن خيانةيهوذا " وكان عدة اسماء معا نحو مئة وعشرين(أع 15:1) " في هذا الاجتماع ،ومما قاله : " فينبغي ان الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل الينا الرب يسوع ... وخرج يصير واحد منهم شاهدا معنا بقيامته فاقاموا اثنين يوسف الذي يدعى برسابا ـ ومتياس .. وصلوا ..ثم القوا قرعتهم فوقعت على متياس فحسب مع الأحد عشر رسولا (أع:21:1ـ26 ) . هنا نلمح رسما مصغرا للمجامع الكنسية التابعة ،واذا ما تقدمنا فليلا في قراءة سفر اعمال الرسل ، نرى اجتماعا آخر يشبه هذا الاجتماع ، وهو انتخاب الشمامسة السبعة (أع :1:6 ـ8) . على ان اعظم مجمع عقده الرسل كان " مجمع اورشليم" وهو المعتبر اول المجامع الكنسية الكبرى ، وكان ذلك سنة 51 م ، وورد عن هذا المجع في اعمال الرسل ما نصه : " فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الامر ، فبعدما حصلت مباحثة كثيرة قام بطرس وقال ... فسكت الجمهور كله ،وكانوا يسمعون برنابا وبولس يحدثان بجميع ما صنع الله من الآيات والعجائب في الامم بواسطتهم .. وبعما سكتا أجاب يعقوب قائلا : ايها الرجال الاخوة اسمعوني ( أع 6:15ـ13) " وهنا نلمح لاول مرة هيئة مجمعية تؤلفها الكنيسة المسيحية فتجد فيها محاورة ومباحثة ، واخذا وردا ،بين اعضائها المجتمعين ، ثم نسير فيها قليلا فنراها تصدر قرارا رسميا ترسله بيد رجلين منها لابلاغ بقية المؤمنين إرادة هذا الجمع الرسولي المقدس ، وختم اعماله بعد ان قرر قرارا يفيد المؤمنين " حينئذ راى الرسل والمشايخ مع كل الكنيسة ان يختاروا رجلين منهم فيرسلوهما الى انطاكيا مع بولس وبرنابا،يهوذا الملقب برسابا وسيلا رجلين متقدمين في الاخوة ،وكتبوا بايديهم هكذا : الرسل والمشايخ والاخوة يهدون سلاما الى الاخوة الذين من الامم في انطاكية وسوريا وكيايكية (أع:22:15ـ23) وبهذه الصورة ارسل قرار المجمع الى بقية المؤمنين في اقطار سوريا وهذا المجمع الاول في الكنيسة المسيحية . وعقبته مجامع كثيرة بعد عهد الرسل ، فكان يجتمع الاساقفة للمباحثة في كل أمر تختلف عليه الكنيسة ، او للمداولة في امر بدعة يبتكرها احد المشاقين .ففي القرن الثاني نرى ستة مجامع مهمة احدها سنة 150 في فريجية للحكم على بدعة مونطانوس ، والخمسة الاخرى في رومية ، وقيسارية فلسطين واورشليم وقورنثية والرها ، للمداولة في قضية عيد الفصح ،وذلك سنة 197م. وفي القرن الثالث نرى احد عشر مجمعا في مختلف المدن التي انتشرت فيها المسيحية إلتامت للمداولة في قضايا اعتقادية وكنسية مهمة واخماد بدع ازعجت الكنيسة وهي بعد في مهدها . وأشهر هذه المجامع ،مجمع بصرى او فيلادلفيا ضد برللس اسقف بصرى سنة 242م. ومجمعان احدهما في انطاكيا سنة 252م والآخر في رومية بعد هذا العهد للحكم على هرطقة القس نوباطيان . وثلاثة مجامع للنظر في معمودية الهراطقة ،الاول في قرطجنة ،سنة255م وكان فيه سبعة وثمانون اسقفا برآسة مار كبريانس ،والثاني سنة 256م حضره احد وسبعون اسقفا ،والثالث في قرطاجنة ايضا بعد هذا العهد بقليل . ومجمع في الاسكندرية ضد سابيليوس المبتدع في اواسط هذا القرن .وثلاثة مجامع في مدينة انطاكية لشجب بدعة بولس السميساطي اسقف انطاكية المبتدع ،الاول وتراسه فرمليانوس اسقف قيسارية قبدوقية ينة 264م ،والاخران بعد هذا العهد بقليل لاجل حط بولس من رتبة الاسقفية وقد حضر المجمع الاخير سبعون او ثمانون اسقفا . ونجد سنة 300م مجمعا اخر في كدينة غرناطة (الفيرا) لوضع قوانين للحياة المسيحية الصالحة . هذه اهم المجامع التي نجدها قبل المجمع المسكوني العظيم في مدينة نيقية سنة 325م والذي يعد اعظم وأقدس مجمع عرفته المسيحية منذ عهده الى الان نظرا للامر العظيم الذي اثبته في ألوهية السيد المسيح ،والنظم المجمعية العالية التي سنها للكنيسة المسيحية .هذا ما اردنا قوله عن اصل المجامع في الكنيسة المسيحية ،فهو لا شك يلقي اضواء كثيرة على اعمال المجامع الباقية والغاية التي لاجلها تجتمع هذه المجامع والامور التي تريد بحثها وتقريرها لاجل فائدة المؤمنين وانعاش المنيسة ، وحفظ الايمان ومقاومة البدع والهرطقات .
يتبع رجاءً